للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهه، فظن أن أبا الطيب أراد أنها كانت تبسم، فيخرج الريق من فمها ويقع على وجهه، فشبهه بالمطر.

وما كنت أطن أن أحدًا من الناس يذهب وهمه، وخاطره حيث ذهب وهم هذا الرجل وخاطره.

وإذا كان هذا قول إمامٍ من أئمة العربية تشد إليه الرحال، فما يقال في غيره? لكن فن الفصاحة والبلاغة غير فن النحو والإعراب!!

وكذلك ورد قول الشريف الرضي١:

إذا أنت أفنيت العرانين والذرا ... رمتك الليالي من يد الخامل الغمر

وهبك اتقيت السهم من حيث يتقى ... فمن ليدٍ ترميك من حيث لا تدري٢

فالعرانين والذراهما عظماء الناس وأشرافهم، كأنه قال: إذا أفنيت عظماء الناس رميت من يد الخامل.

وإذ قد بينت أن الاستعارة لا تكون إلا بحيث يطوى ذكر المستعار له، فإنها لا تجيء إلا ملائمة مناسبة، ولا يوجد فيها مباينة ولا تباعد؛ لأنها لا تذكر مطوية إلا لبيان المناسبة بين المستعار منه والمستعار له، ولو طويت ولم يكن هناك مناسبة بين المستعار منه، والمستعار له لعسر فهمها، ولم يبن المراد منها.

ورأيت أبا محمد عبد الله بن سنان الخفاجي -رحمه الله تعالى- قد خلط الاستعارة بالتشبيه المضمر الأداة، ولم يفرق بينهما، وتأسى في ذلك بغيره من علماء


١ الشريف الرضي هو أبو الحسن محمد بن الحسين الرضي العلوي، نقيب أشراف بغداد، وأشعر بني هاشم، توفي سنة ٤٠٦هـ.
٢ ديوان الشريف الرضي ١/ ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>