للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيان، كأبي هلال العسكري١ والغانمي٢، وأبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي.

على أن أبا القاسم بن بشر الآمدي كان أثبت القوم قدمًا في فن الفصاحة والبلاغة، وكتابه المسمى بـ"الموازنة بين شعر الطائيين" يشهد له بذلك، وما أعلم كيف خفي عليه الفرق بين الاستعارة، والتشبيه المضمر الأداة؟!

ومما أورده ابن سنان في كتابه الموسوم بـ"سر الفصاحة" قول امرئ القيس في صفة الليل:

فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازًا وناء بكلكل

وهذا البيت من التشبيه المضمر الأداة؛ لأن المستعار له مذكور، وهو الليل، وعلى الخطأ في خلطه بالاستعارة، فإن ابن سنان أخطأ في الرد على الآمدي، ولم يوفق للصواب.

وأنا أتكلم على ما ذكره ولا أضايقه في الاستعارة والتشبيه، بل أنزل معه على ما رآه من أنه استعارة، ثم أبين فساد ما ذهب إليه.

وذاك أن الآمدي قال في كتاب "الموازنة" "إن امرأ القيس وصف أحوال الليل الطويل، فذكر امتداد وسطه! وتثاقل صدره، وترادف أعجازه، فلما جعل له وسطًا ممتدًا، وصدرا ثقيلًا وأعجازًا رادفة لوسطه، استعار له اسم "الصلب"، وجعله


١ هو الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران، أبو هلال العسكري، صاحب الصناعتين، وكان مشهورا بالعلم والفقه، والغالب عليه الأدب والشعر، وله من التصانيف: التلخيص في اللغة، جمهرة الأمثال، شرح الحماسة، لحن الخاصة، الأوائل ... وغير ذلك، قال ياقوت: ولم يبلغني شيء عن وفاته إلا أنه فرغ من إملاء كتابه "الأوائل" لعشر خلت من شعبان سنة خمس وتسعين وثلثمائة، وللدكتور بدوي طبانة أحد محققي هذا الكتاب دراسة مفصلة في أبي هلال، وبلاغته ونقده، طبع بالقاهرة سنة ١٩٥١م وطبعة أخرى سنة ١٩٦٠ تحت عنوان "أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية والنقدية".
٢ هو أبو العلا محمد بن غانم المعروف بالغانمي، كان من فضلاء عصره، وشعره مشهور، وهو من شعراء نظام الملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>