للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ضر تغلب وائلٍ أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران١

فشبه هجاء جرير تغلب وائل ببوله في مجمع البحرين، فكما أن البول في مجمع البحرين لا يؤثر شيئًا، فكذلك هجاؤك هؤلاء القوم لا يؤثر شيئًا.

وهذا البيت من الأبيات الذي أقر لها٢ الناس بالحسن.

وكذلك ورد قوله أيضًا٣:

قوارص تأتيني وتحتقرونها ... وقد يملأ القطر الإناء فيفعم

فإنه شبه القوارص التي تأتيه محتقرة بالقطر الذي يملأ الإناء على صغر مقداره، يشير بذلك إلى أن الكثرة تجعل الصغير من الأمر كبيرًا.

وهذا الموضع يشكل على كثير من علماء البيان، ويخلطونه بالاستعارة، كقول البحتري في التعزية بولد٤:

تعز فإن السيف يمضي وإن وهت ... حمائله عنه وخلاه قائمه

وهذا ليس من التشبيه، وإنما هو استعارة؛ لأن المستعار له مطوي الذكر، وهو المعزي، كأنه قال: تعز كالسيف يمضي وإن وهت حمائله، وخلاه قائمه.


١ ديوان الفرزدق ٢/ ٨٨٢، وهذا البيت ثاني أبيات قصيدته التي أولها:
يا ابن المراغة والهجاء إذا التقت ... أعناقه وتماحك الخصمان
وفي هذه القصيدة يذكر الفرزدق تفضيل الأخطل إياه، ويمدح بني تغلب، ويهجو جريرًا.
٢ في الأصل "الذي أقر له....".
٣ ديوان الفرزدق ٢/ ٧٥٦، وكان الفرزدق لما هرب من زياد ابن أبيه نزل بالروحاء على بكر بن وائل، ثم انتقل عنهم إلى المدينة، فقال الفرزدق:
تصرم عني ودبكر بن وائل ... وما كان عني ودهم يتصرم
قوارض تأتيني فيحتقرونها ... وقد يملأ القطر الأتي فيفعم
ومعنى الأتي الجدول.
٤ ديوان البحتري ٢/ ٥٢، والبيت من قصيدة له في رثاء ابن أبي الحسن بن عبد الله بن صالح الهاشمي، ومطلعها:
لأية حال أعلن الوجد كاتمه ... وأقصر عن داعي الصبابة لائمه

<<  <  ج: ص:  >  >>