للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك إذا شبه شيء حسن بشيء حسن، فإنه إذا لم يشبه بما هو أحسن منه، فليس بوارد على طريق البلاغة.

وإن شبه قبيح بقبيح، وهكذا ينبغي أن يكون المشبه به أقبح.

وإن قصد البيان والإيضاح، فينبغي أن يكون المشبه به أبين وأوضح.

فتقدير لفظة "أفعل" لا بد منه فيما يقصد به بلاغة التشبيه؛ وإلا كان التشبيه ناقصًا، فاعلم ذلك وقس عليه.

أقسام التشبيه:

واعلم أنه لا يخلو تشبيه الشيئين: أحدهما بالآخر من أربعة أقسام:

١- إما تشبيه معنى بمعنى، كالذي تقدم ذكره من قولنا: "زيد كالأسد".

٢- وإما تشبيه صورة بصورة، كقوله تعالى: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ، كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} ١.

٣- وإما تشبيه معنى بصورة، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} ٢، وهذا القسم أبلغ الأقسام الأربعة لتمثيله المعاني الموهومة بالصور المشاهدة.

٤- وإما تشبيه صورة بمعنى، كقول أبي تمام:

وفتكت بالمال الجزيل وبالعدا ... فتك الصبابة بالمحب المغرم٣

فشبه فتكه بالمال وبالعدا -وذلك صورة مرئية- بفتك الصبابة، وهو فتك


١ سورة الصافات: الآيتان ٤٨، ٤٩.
٢ سورة النور: الآية ٣٩.
٣ لم أعثر على هذا البيت في طبعة بيروت، ويوحى معنى البيت، ووزنه بأنه من قصيدته التي قالها مدح أبي الحسين محمد بن الهيثم بن شبابة التي مطلعها:
نثرت فريد مدامع لم تنظم ... والدمع يحمل بعض شجو المغرم
وانظر ديوان أبي تمام ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>