للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا النهج ورد قول أبي تمام١:

خلط الشجاعة بالحياء فأصبحا ... كالحسن شيب لمغرمٍ بدلال

وهذا من غريب ما يأتي في هذا الباب، وقد تغالت شيعة أبي تمام في وصف هذا البيت، وهو لعمري كذلك.

ومن هذا القسم أيضًا قوله٢:

كم نعمةٍ لله كانت عنده ... فكأنها في غربةٍ وإسار

كسيت سبائب لؤمه فتضاءلت ... كتضاؤل الحسناء في الأطمار٣

وكذلك قوله٤:

صدفت عنه ولم تصدف مواهبه ... عني، وعاوده ظني فلم يخب

كالغيث إن جئته وافاك ريقه ... وإن ترحلت عنه لج في الطلب

وعلى هذا الأسلوب، ورد قول علي بن جبلة:

إذا ما تردى لأمة الحرب أرعدت ... حشا الأرض واستدمى الرماح الشوارع

وأسفر تحت النقع حتى كأنه ... صباحٌ مشى في ظلمة الليل طالع

وقد أحسن علي بن جبلة في تشبيهه هذا كل الإحسان، وكمثله في الحسن قوله أيضًا في تشبيهه الحبب فوق الخمر:


١ ديوان أبي تمام ٢٦٩ من قصيدة له في مدح المعتصم، ويذكر أخذ بابك. ومطلعها:
آلت أمور الشرك شر مآل ... وأقر بعد تخمط وصيال
٢ ديوان ١٥١ من قصيدة يمدح فيها المعتصم، ويذكر إحراق الأفشين. ومطعلها:
الحق أبلج والسيوف عورا ... فحذرا من أسد العرين حذار
٣ السبائب جمع سبيبة، وهي شقة رقيقة، تضاءلت أخفت شخصها وتصارغت، والأطمار الثياب البالية.
٤ ديوانه ١٦ من قصيدة له في مدح الحسن بن سهل، وأولها:
أبدت أسى أن رأتني مخلس القصب ... وآل ما ان من عجب إلى عجب
ومخلس القصب، أي في قصب شعره -وهي خصلة- سواد وبياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>