للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترى فوقها نمشًا للمزاج ... تباذير لا يتصلن اتصالا

كوجه العروس إذا خططت ... على كل ناحيةٍ منه حالا

ومن هذا القسم قول مسلم بن الوليد:

تلقى المنية في أمثال عدتها ... كالسيل يقذف جلمودًا بجلمود١

وعلى هذا الأسلوب ورد قول العباس بن الأحنف٢:

لا جزى الله دمع عيني خيرًا ... وجزى الله كل خيرٍ لساني

نم دمعي فليس يكتم شيئًا ... ووجدت اللسان ذا كتمان

كنت مثل الكتاب أخفاه طيٌ ... فاستدلوا عليه بالعنوان

وهذا من اللطيف البديع.

ويروى أن أبا نواس لما دخل مصر مادحًا للخصيب جلس يومًا في رهط من الأدباء، وتذكروا منازة بغداد، فأنشد مرتجلًا:

ذكر الكرخ نازح الأوطان ... فصبا صبوةً ولات أوان٣

ثم أتم ذلك قصيدًا مدح به الخصيب، فلما عاد إلى بغداد دخل عليه العباس بن الأحنف، وقال: أنشدني شيئًا من شعرك بمصر فأنشده:

ذكر الكرخ نازح الأوطان


١ من قصيدة له في مدح داود بن حاتم بن خالد المهلب، ومطلعها:
لا تدع بي الشوق إني غير معمود ... نهى النهي عن هوى الهيف الرعاديد
٢ هذه الأبيات منسوبة في الأمالي "١/ ٢٠٩" لأبي نواس، قال القالي: وكان أبو بكر بن دريد يستحسن قول أبي نواس في هذا المعنى: "لا جزى الله دمع عيني.... الأبيات"، وكتب بها مش أصله "هذه الأبيات للعباس بن الأحنف، وفي كتاب "التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه" ٦٦ ما نصه "قال أبو علي: وكان
ابن دريد يستحسن قول أبي نواس: "لا جزى الله دمع عيني خيرا ... " وهذا الشعر للعباس بن الأحنف بلا اختلاف، وهو ثابت في ديوان بن الأحنف.
٣ ديوان أبي نواس ٩٧ وهو مطلع قصيدة له في مدح الخصيب بن عبد الحميد العجمي ثم المرادي، وهو دهقان من أهل المزار شريف الآباء، وليس بابن صاحب نهر أبي الخصيب، ذاك عبد للمنصور يقال له: "مرزوق"، وكان هذا رئيسا في أرضه، فانتقل إلى بغداد، وصار كاتب مهرويه الرازي، ثم انتقل إلى الإمارة، وفي الأصل "الكرج" بالجيم موضع "الكرخ"، وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>