فقال فيها من أبيات تضمنت وصف السيف بيتًا أجاد في تشبيهه:
وكأنما سود النمال وحمرها ... دبت بأيدٍ في قواه١ وأرجل
فشبه فرند السيف بدبيب النمل سودها وحمرها، وذلك من التشبيه الحسن.
وأما ما ورد منه مضمر الأداة، فكقول النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد سئل عن العزل، فقال:"هو الوأد الخفي"، وهذا تشبيه بليغ، "والوأد" هو ما كانت العرب تفعله في دفن البنات أحياء، فجعل العزل في الجماع كالوأد، إلا أنه خفي، وذاك أنهم كانوا يفعلون بالبنات ذلك هربًا منهن، وهكذا من يعزل في الجماع، فإنما يفعل ذلك هربًا من الولد.
وكذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم:"هو الوأدة الصغرى"، وهذا من الحسن إلى غاية تغص لها العيون طرفها، ولا ينتهي الوصف إليها فيكون ترك وصفها كوصفها.
ومما جاءني من ذلك فصل من جملة كتاب ضمنته وصف القلم، فقلت:
"جذع أنفه فصار في الكيد قصيرًا، وأرهف صدره فصار في المضاء عضبًا شهيرًا، وقمص لباس السواد، وهو شعار الخطباء، فنطق بفصل الخطاب، ونكس رأسه وهي صورة الإذلال، فاختال في مشيه من الإعجاب، وأوحى إليه بنجوى الخواطر، وهو الأصم، فأفضى بما سمعه إلى الكتاب".
وهذه الأوصاف غريبة جدًا ومن أغربها ذكر "قصير" عند جذع الأنف.
وأما القسم الرابع، وهو تشبيه المركب بالمفرد:
فإنه قليل الاستعمال بالنسبة إلى الأقسام الثلاثة، وليس ذلك إلا لعدم النظير بين المشبه والمشبه به.
١ رواية الديوان ٢/ ٢١٩ "في قراه" بالراء، والقرا الظهر.