للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن ينبغي أن تعلم أن تشبيه المركب بالمفرد ينقسم قسمين:

أحدهما: تشبيه شيئين مشتركين بشيء واحد كالذي أوردته لأبي تمام، وهو قليل الاستعمال.

والآخر: تشبيه شيئين منفردين بشيء واحد، كالذي ذكرته أنت لأبي الطيب المتنبي، وهو كثير الاستعمال.

من معيب التشبيه:

وإذ ذكرنا أقسام التشبيه، وبينا المحمود منها الذي ينبغي اقتفاء أثره، واتباع مذهبه، فلنتبعه بضده، مما ينبغي اجتنابه، والإضراب عنه.

على أنه قدمنا القول بأن حد التشبيه هو: "أن يثبت للمشبه حكم من أحكام المشبه به"، فإذا لم يكن بهذه الصفة، أو كان بين المشبه والمشبه به بعد، فذلك الذي يطرح ولا يستعمل، والذي يرد منه مضمر الأداة لا يكون إلا في القسم الواحد من أقسام المجازي، وهو التوسع وقد قدمت القول في ذلك في أول باب "الاستعارة"، وضربت له أمثلة منها قول أبي نواس".

ما لرجل المال أمست ... تشتكي منك الكلالا

فجعل للمال رجلًا، وذلك تشبيه بعيد، ولا حاجة إلى عادة ذلك الكلام ههنا بجملته١؛ لكن قد أشرت إليه إشارة خفيفة.

ومن أقبح ما سمعته من ذلك قول أبي تمام٢:

وتقاسم٣ الناس السخاء مجزأ ... وذهبت أنت برأسه وسنامه


١ انظر كلامه بجملته في صفحة ٧٩، وما بعدها من هذا القسم.
٢ ديوان أبي تمام ٢٩٨ من قصيدة له في مدح أبي سعيد، وأولها:
قل للأمير أبي سعيد ذي الندى ... والمجد زاد الله في إكرامه
٣ رواية الديوان "وتقسم".

<<  <  ج: ص:  >  >>