للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرغبة في الآخرة، والامتناع من الأعمال السيئة خوف المقابلة عليها، والمسارعة إلى الأعمال الصالحة رجاء المجازاة عليها.

وكذلك ورد قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} ١.

فإنه إنما قال: {الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} ، ولم يقل: قواعد البيت لما في إبهام القواعد أولًا، وتبيينها بعد ذلك من تفخيم حال المبين ما ليس في الإضافة.

ومما يجري هذا المجرى قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} ٢.

فإنه أراد تفخيم ما أمل فرعون من بلوغه أسباب السموات أبهمها أولًا، ثم فسرها ثانيا؛ ولأنه لما كان بلوغها أمرا عجيبًا أراد أن يورده على نفس متشوفة إليه، ليعطيه السامع حقه من التعجب، فأبهمه ليشوف إليه نفس هامان، ثم أوضحه بعد ذلك.

وعلى هذا الأسلوب ورد قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} ٣.

فإنه قال أولًا: {أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} ، ثم فسرها بقوله: {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} ٤.

وهذا في القرآن الكريم كثير الاستعمال:

وأما الإبهام من غير تفسير فكثير شائع في القرآن الكريم أيضًا، كقول تعالى: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ} ٥.


١ سورة البقرة: الآية ١٢٧.
٢ سورة المؤمن: الآيتان ٣٦ و٣٧.
٣ سورة سبأ: الآية ٤٦.
٤ في الأصل: "وأن" موضع "ثم".
٥ سورة الشعراء: الآية ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>