للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"رجيل"، وفي الرباعي في قنديل: "قنيديل"، فالزيادة وردت ههنا، فنقصت من معنى هاتين اللفظتين.

وهذا ليس من الباب الذي نحن بصدد ذكره؛ لأنه عار عن معنى الفعلية، والزيادة في الألفاظ لا توجب زيادة في المعاني إلا إذا تضمنت معنى الفعلية؛ لأن الأسماء التي لا معنى للفعل فيها إذا زيدت استحال معناها.

ألا ترى أنا لو نقلنا لفظة "عذب" -وهي ثلاثية- إلى الرباعي، فقلنا: "عذيب"، على وزن "جعفر"، لاستحال معناها، ولم يكن لها معنًى.

وكذلك لو نقلنا لفظة "عسجد"، وهي رباعية إلى الخماسي، فقلنا: "عسجدد"، على وزن "جحمرش"، لاستحال معناها.

وهذا بخلاف ما فيه معنى الفعلية، كقادر ومقتدر، فإن "قادرا" اسم فاعل "قدر"، وهو ثلاثي، و"مقتدر" اسم فاعل "اقتدر"، وهو رباعي، فلذلك كان معنى القدرة في اقتدر أشد من معنى القدرة في قدر، وهذا لا نزاع فيه.

وهذا الباب بجملته لا يقصد به إلا المبالغة في إيراد المعاني، وقد يستعمل في مقام المبالغة، فينعكس المعنى فيه إلى ضده، كما جاء لأبي كرام التميمي١ من شعراء الحماسة، وهو قوله:

لله تيم أي رمح طراد ... لاقى الحمام وأي نصل جلاد٢

ومحش حرب مقدم متعرض ... للموت غير مكذب حياد٣


١ اسمه زاهر -كما في شرح التبريزي ١/ ٢٨٠- وكان بارز رجلا يقال له: "تيم"، وكان أحد الفرسان، فقتله زاهر، وأخذ يفخم أمره؛ لأن ثناءه عليه وإكباره له راجع إليه، إذ صار قتيله.
٢ رواية الحماسة للشطر الثاني:
لاقى الحمام به ونصل جلاد
واللام في "لله تيم" للتخصيص والتعجب، مثل قولهم: "لله دره"، وقوله: "أي رمح طراد" تعجب أيضًا.
٣ في الأصل جياد موضع "حياد"، والتصوب عن الحماسة، وقوله: محش حرب معطوف على رمح، جعله آلة للحش، وهو إيقاد النار، وفي الحماسة غير معرد موضع "غير مكذب"، والتعريد ترك القصد وسرعة الانهزام، والحياد الماثل.

<<  <  ج: ص:  >  >>