للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وستتلو هذه الأخبار الصادقة بمشيئة الله أخبار مثلها صادقة، وما دامت السيوف ناطقة في يد الخادم فالألسنة عنها ناطقة، وللآراء العالية مزيد العلو، إن شاء الله تعالى.

وأما التقليد، فإنه تقليد أنشأته لمنصب الحسبة، وهو:

"أما بعد، فقد جعل الله جزاء التمكين في أرضه أن يقام بحدود فرضه، ونحن نسأله التوفيق لهذا الأمر الذي ثقل حمله وعدم أهله، فقد جيء بنا في زمن أصبح الناس فيه سدى، وعاد الإسلام فيه غريبا كما بدا، وهو الزمن الذي كثرت فيه أشراط١ اليوم الأخير، وغربلت فيه الأمة حتى لم يبق إلا حثالة٢ التمر والشعير.

ومن أهم ما نقرر بناءه، ونقدم عناءه، ونصلح به الزمن وأبناءه، أن نمضي أحكام الشريعة المطهرة على ما قررته، في تعريف ما عرفته، وتنكير ما نكرته، ومدار ذلك على النظر في أمر الحسبة التي تتنزل منه بمنزلة السلك من العقد، والكف من الزند، وقد أخلصنا النية في ارتياد من فيها ويكفيها، ويصطفى لها ولا يصطفيها، وهو أنت أيها الشيخ الأجل "فلان" أحسن الله لك الأثر، وصدق فيك النظر، فتولها غير موكول إليها، بل معانا عليها.

واعلم أن الناس قد أماتوا سننا وأحيوا بدعا، وتفرقوا فيما أحدثوه من المحدثات شيعا؛ وأظلم منهم من أقرهم على أمرهم، ولم يأخذ بقوارع زجرهم، فإن السكوت عن البدعة رضا بمكانها، وترك النهي عنها كالأمر بإتيانها، ولم يأت بنا لله تعالى إلا ليعيد الدين قائما على أصوله، صادعا بحكم الله فيه وحكم رسوله.

ونحن نأمرك أن تتصفح أحوال الناس في أمر دينهم الذي هو عصمة مالهم، وأمر معاشهم الذي يتميز به حرامهم عن حلالهم، فابدأ أولًا بالنظر في العقائد، واهد فيها


١ الأشراط: العلامات.
٢ الحثالة ما لا خير فيه، والرديء من كل شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>