للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى سبيل الفرقة الناجية١ الذي هو سبيل واحد، وتلك الفرقة هي السلف الصالح الذين لزموا مواطن الحق فأقاموا، وقالوا: ربنا الله ثم استقاموا، ومن عداهم شعب دانوا أديانا، وعبدوا من الأهواء أوثانا، واتبعوا ما لم ينزل به الله سلطانا "ولو نشاء لأريناكهم، فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول، والله يعلم أعمالكم"٢، فمن انتهى من هؤلاء إلى فلسفة فاقتله، ولا تسمع له قولا، ولا تقبل منه صرفا ولا عدلا، وليكن قتله على رءوس الأشهاد ما بين حاضر وباد، فما تكدرت الشرائع بمثل مقالته، ولا تدنست علومها بمثل أثر جهالته، والمنتمي إليها يعرف بنكره، ويستدل عليه بظلمة كفره، وتلك الظلمة تدرك بالقلوب لا بالأبصار، وتظهر زيادتها ونقصها بحسب ما عند رائيها من الأنوار، وما تجده من كتبها التي هي سموم ناقعة، لا علوم نافعة وأفاعي ملقفة، لا أقوال مؤلفة، فاستأصل شأفتها٣ بالتمزيق، وافعل بها ما يفعله الله بأهلها من التحريق، ولا يقنعك ذلك حتى تجتهد في تتبع آثارها، والكشف عن مكامن أسرارها، فمن وجدت في بيته فليؤخذ جهارا، ولينكل به إشهارا، وليقل: هذا جزاء من استكبر استكبارا، ولم يرج لله وقارا.

وأما من تحدث في القدر، وقال فيه بمخالفة نص الخبر، فليس في شيء من ربقة الإسلام، وإن تنسك بمداومة الصلاة والصيام، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "القدرية مجوس هذه الأمة"، والمراد بذلك أنهما ماثلوا بين الله والعبد، والضياء والظلمة، فعلاج هذه الطائفة أن تجزى بأن تخزى، فليقابل جمعها بالتكسير، واسمها بالتصغير، ولتنقل إلى ثقل الحدود عن خفة التعزير، ومن كان منها ذا مكانة نابهة فليهبط، أو شهادة عادلة فليسقط:


١ يروى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل، تفرق بنو إسرائيل على اثنتين وسبعين ملة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، تزيد عليهم ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة"، قالوا: يا رسول الله من الملة الواحدة؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي"، وفي هذا الحديث روايات، والملة الواحدة، هي الفرقة الناجية.
٢ سورة محمد: الآية ٣٠.
٣ الشأفة: الأصل، واستأصل الله شأفته أذهبه، وأزاله من أصله.

<<  <  ج: ص:  >  >>