وكذلك يجري الحكم فيمن قال بالتشبيه والتجسيم، أو قال بحدوث القرآن القديم، ومن ملحدي القرآن فرقة فرقت بين المعنى والخط، وفرقة قالت فيه بالشكل والنقط، وكل هؤلاء قوم خبثت سرائرهم، وعميت أبصارهم، وعظمت عند الله جرائمهم، فخذهم بالتوبة التي تطهر أهلها، وتجب ما قبلها، وليست التوبة عبارة عن ذكرى اللسان، والقلب لاه في قبضة النسيان، بل هي عبارة عن الندم على ما فات، واستئناف الإخلاص فيما هو آت، وقد جعل الله التائب من أحبابه، ووصفه في مواضع كثيرة من كتابه، ومن فضله أن الملائكة يستغفرون لذنبه، ويشفعون له إلى ربه، فإن أبت هذه الطوائف إلا إصرارًا، ولم يزدهم دعاؤك إلا فرارًا، فاعلم أن الله قد طبع على قلوبهم طبعًا، وألحقهم بالذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكره، وكانوا لا يستطيعون سمعا، فخذهم عند ذلك بحد الجلد، فإن لم ينجع فبحد ذوات الحد، فإن هذه أمراض عمى لا ترجى لها الإفاقة، ولا تبرئ منها إلا الدماء المراقة.
وأما الفرقة المدعوة بالرافضة، التي هي لما رفعه الله خافضة، فإنهم أناس ليس لهم من الدين إلا اسمه، ولا من الإسلام إلا رسمه، وإذا نقب عن مذهبهم وجد على العصبية موضوعًا، ولغير ما شرعه الله ورسوله مشروعا، ذبُّوا عن علي -رضي الله عنه- فأسلموه، وأخروه إذ قدموه، وهؤلاء وضعوا أحاديث فنقلوها، وأولوا على ما أولوها، فتبع الآخر منهم الأول على غمة، وقالوا: إنا وجدنا آبائنا على أمة.
وههنا غير ما ذكرناه من عقائد محلولة، ومذاهب غير منقولة ولا مقبولة، وبالهدي يتبين طريق الضلال، وبالصحة يظهر أثر الاعتلال ولا عقيدة إلا عقيدة السنة والكتاب، ولا دين إلا دين العجائز الماء والمحراب.
وإذا فرغنا من الوصية بالأصول التي هي للدين ملاك، فلنتبعها بالفروع التي هي له مساك:
وأول ذلك الصلاة، وهي في مباني الإسلام الخمس أوكد خمسه، وآخر ما وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مفارقة نفسه، ومن فضلها أنها العمل الذي