للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينهى عن الفحشاء والمنكر، ولا عذر في تركها لأحد من الناس فيقال: إنه يعذر، فاجمع الناس إليها، واحملهم عليها، ومرهم بالاجتماع لها في المساجد، وناد فيهم بفضيلة صلاة الجماعة على صلاة الواحد، وراقبهم عند أوقات الأذان في الأسواق التي هي معركة الشيطان، فمن شغل بتثمير مكسبه، ولها عنها بالإقبال على لهوه ولعبه، فخذه بالآلة العمرية التي تضع من قدره، وتذيقه وبال أمره، ولا يمنعك عن ذي هيبة هيبته، ولا عن ذي شيبة شيبته، فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.

ومن مهمات الصلاة يوم الجمعة الذي هو في الأيام بمنزلة الأعياد في الأعوام، وفيه الساعة المخصوصة بالدعاء المجاب، التي ما صادفها عبد إلا ظفر بالطلاب، فمر الناس بابتداره في البواكر، والفوز فيه بقربان البدنات١ الأخاير، فإنه اليوم الذي لم تطلع الشمس على مثله، وبه فضل هذا الدين على أهل الكتاب من قبله -فهو واسطة عقد الأيام السبعة، ولاشتماله على مجموع فضلها سمي يوم الجمعة، وفي الأعوام مواسم لصلوات مخصوصة كالتراويح في شهر رمضان، والرغائب في أول جمعة من رجب، وليلة النصف من شعبان، فلتملأ المساجد في هذه المواسم التي تكثر فيها شهادات الأقلام، في كتب الطاعات ومحو الآثام، ومن حضرها وليس همه إلا أن يمر بها طروقًا، ويواعد إليه أخدانه رفثًا وفسوقًا، فهؤلاء هم الخلف الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فابعث عليهم قوما يسلبونهم سلبا، ويوجعونهم ضربا، ويملئون عيونهم مهابة وقلوبهم رعبا، فبيوت الله مطهرة من هذه الأدناس، ولم تعمر لشياطين الإنس وإنما عمرت للناس، فلا يحضرها إلا راكع وساجد، أو ذاكر وحامد.

وههنا عظيمة عضيهة٢، وفاحشة يفقه لها من ليست نفسه بفقيهة، وهي الربا، فإنه قد كثر أكله، وتظاهر به فاعله، وقال فساق الفقهاء بتأويله؛ وتوصلوا إلى


١ البدنات: الأضاحي.
٢ العضبهة: الإفك والبهتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>