للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الصفات، كما قال تعالى في موضع آخر: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} ١.

فجاء بصفة غير تلك الصفة، ولما قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} وجب تخصيصهم بذلك الوصف دون غيره، وهذا موضع حسن في تكرير المعاني.

ومما يعد من هذا الباب قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ، وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} ٢.

وقد ظن قوم أن هذه الآية تكرير لا فائدة فيه, وليس الأمر كذلك، فإن معنى قوله: {لا أَعْبُدُ} يعني في المستقبل: من عبادة آلهتكم، ولا أنتم فاعلون فيه ما أطلبه منكم من عبادة إلهي، {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} أي: وما كنت عابدا قط فيما سلف ما عبدتم، يعني أنه لم يعهد مني عبادة صنم في الجاهلية في وقت ما, فكيف يرجى ذلك مني في الإسلام? {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ} في الماضي في وقت ما ما أنا على عبادته الآن.

ومما يجري هذا المجرى قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ٣.


١ سورة الحجرات: الآية ١٥.
٢ سورة الكافرون.
٣ سورة فاتحة الكتاب: الآيات ١ و٢ و٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>