للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس في هذا البيت من تكرير، فإنه كقولك: "الموصوف بكذا وكذا ابن الموصوف بكذا وكذا"، أي: إنه عريق النسب في هذا الوصف.

وقد ورد في الحديث النبوي مثل ذلك، كقول النبي صلى الله عليه وسلم في وصف يوسف الصديق عليه السلام: "الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم".

ولقد فاوضني في هذا البيت المشار إليه بعض علماء الأدب، وأخذ الطعن من جهة تكراره، فوقفته على مواضع الصواب فيه، وعرفته أنه كالخبر النبوي من جهة المعنى سواء بسواء، لكن لفظه ليس بمرضي على هذا الوجه الذي قد استعمل فيه، فإن الألفاظ إذا كانت حسانا في حال انفرادها فإن استعمالها في حال التركيب يزيدها حسنا على حسنها، أو يذهب الحسن عنها.

وقد تقدم الكلام على ذلك في المقالة الأولى من الصناعة اللفظية١.

ولو تهيأ لأبي الطيب المتنبي أن يبدل لفظة "العارض"٢ بلفظة "السحاب"، أو ما يجري مجراها، لكان أحسن.

وكذلك لفظة "الهتن"٣ فإنها ليست بمرضية في هذا الموضع على هذا الوجه، ولفظة "العارض"، وإن كانت قد وردت في القرآن,


١ انظر صفحة "٢١١" من القسم الأول من هذه الطبعة.
٢ العارض السحاب يعترض في الأفق، ومنه قوله تعالى: {عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} .
٣ هتنت السماء تهتن هتنا وهتونا وهتنانا وتهتانا، وتهاتنت: انصبت، أو هو فوق الهطل، أو الضفيف الدائم، أو مطر ساعة، ثم يفتر ثم يعود، وسحاب هاتن وهتون.

<<  <  ج: ص:  >  >>