للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: "ما فعلت ذلك كفرا، ولا ارتدادا عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. من التكرير الحسن.

وبعض الجهال يظنه تكريرا لا فائدة فيه، فإن الكفر والارتداد عن الدين سواء، وكذلك الرضا بالكفر بعد الإسلام، وليس كذلك، والذي يدل عليه اللفظ هو أني لم أفعل ذلك وأنا كافر, أي: باق على الكفر، ولا مرتدا, أي: إني كفرت بعد إسلامي، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام, أي: ولا إيثارا لجانب الكفار على جانب المسلمين، وهذا حسن في مكانه، واقع في موقعه.

وهو يحمل التكرير فيه على غير هذا الفرع الذي نحن بصدد ذكره ههنا، وهو الذي يكون التكرير فيه يدل على معنى واحد، وسيأتي بيانه في الفرع الثاني الذي يلي هذا الفرع الأول.

والذي يجوزه أن هذا المقام هو مقام اعتذار وتنصل عما رمي به من تلك القارعة العظيمة التي هي نفاق وكفر، فكرر المعنى في اعتذاره قصدًا للتأكيد والتقرير لما ينفي عنه ما رمي به.

ومما ينتظم بهذا السلك أنه إذا كان التكرير في المعنى يدل على معنيين: أحدهما خاص والآخر عام كقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ١.

فإن الأمر بالمعروف خير, وليس كل خير أمرا بالمعروف، وذاك أن الخير أنواع كثيرة من جملتها الأمر بالمعروف.


١ سورة آل عمران: الآية ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>