على طريق الحقيقة، كما جاز حمله على طريق المجاز, أي: معهم الأموال من الإبل، وهي كانت جل أموال العرب: أي إنهم أحضروا أموالهم ليقاتلوا دونها، ولما جاز حمل العوذ المطافيل على النساء والصبيان وعلى الأموال كان من باب الكناية.
ومن ذلك ما ورد في إقامة الحد على الزاني، وهو أن يشهد عليه برؤية الميل في المكحلة وذلك كناية عن رؤية الفرج في الفرج.
ومن لطيف الكنايات أن امرأة جاءت إلى عائشة رضي الله عنها فقالت لها:"أقيد جملي?" فقالت عائشة رضي الله عنها: "لا", أرادت المرأة أن تضع لزوجها شيئا يمنعه عن غيرها أي: تربطه أن يأتي غيرها، فظاهر هذا اللفظ هو تقييد الجمل، وباطنه ما أرادته المرأة وفهمته عائشة منها.
وكذلك يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, وذاك أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هلكت، قال:"وما أهلكك" قال: حولت رحلي البارحة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة".
ويروى أن عمرو بن العاص زوج ولده عبد الله رضي الله عنه، فمكثت المرأة عنده ثلاث ليال لم يدن منها، وإنما كان ملتفتا إلى صلاته، فدخل عمرو بعد ثلاث، فقال: كيف ترين بعلك? فقالت: نعم البعل إلا أنه لم يفتش لنا كنفا ولا قرب لنا مضجعا، فقولها: لم يفتش لنا كنفا ولا قرب لنا مضجعا من الكناية الغراء الظاهرة.
ومن ألطف ما بلغني في هذا قول عبد الله بن سلام، فإنه رأى على رجل ثوبا معصفرا، فقال:"لو أن ثوبك في تنور أهلك أو تحت قدرهم كان خيرا"، فذهب الرجل وأحرقه، نظرا إلى حقيقة قول عبد الله, وظاهر مفهومه، وإنما أراد