للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الكناية الحسنة قول أبي الطيب المتنبي في قصيدته التي يعاتب فيها سيف الدولة بن حمدان التي مطلعها:

واحر قلباه ممن قلبه شبم

وشر ما قنصته راحتي قنص ... شهب البزاة سواء فيه والرخم١

يشير بذلك إلى أن سيف الدولة يستوي في المنال منه هو وغيره، فهو البازي، وغيره الرخمة، وإن حمل المعنى على جانب الحقيقة كان جائزا.

وعلى هذا ورد قول الأقيشر الأسدي، وكان عنينا لا يأتي النساء وكان كثيرًا ما يصف ذلك من نفسه، فجلس إليه يوما رجل من قيس، فأنشد الأقيشر:

ولقد أروح بمشرف ذي ميعة ... عسر المكرة ماؤه يتفصد

مرح يطير من المراح لعابه ... ويكاد جلد إهابه يتقدد٢


١ الديوان ٤/ ١١٦ مطلع القصيدة:
واحر قلباه ممن قلبه شبم ... ومن بجسمي وحالي عنده سقم
شبم: بارد. الشهب: جمع أشهب وهو ما فيه بياض يخالطه سواد، الرخيم: جمع رخمة وهي طائر من الجوارح الكبيرة الجسم الوحشية الطباع، قالوا إنه موصوف بالغدر والقذر. البزاة: جمع باز وهو ضرب من الصقور.
٢ الميعة: المراد بها القوة والنشاط، من ماع الشيء يميع إذا جرى على وجه الأرض منبسطا، وماع الفرس إذا جرى.
يتفصد: يسيل ويجري على الأرض.
والبيتان في الأغاني "١٠/ ٨٣" هكذا.
ولقد أروح بمشرف ذي شعرة ... عسر المكرة ماؤه يتفصد
مرح يطير من اللعاب مراحه ... وتكاد جلدته به تتقدد
والصواب الأقيشر كما في الأغاني لا الأقيس كما في الأصل. ويتفصد بالفاء لا بالقاف كما كانت بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>