ثم قال له: أتبصر الشعر? قال: نعم، قال: فما وصفت? قال: فرسا، قال: أفكنت تركبه لو رأيته? قال: إي والله وأثني عطفه، فكشف له عن أيره، وقال: هذا وصفت، فقم فاركبه، فوثب الرجل من مكانه، وقال: قبحك الله من جليس سائر اليوم.
وكذلك أيضًا يحكى أنه وفد سعيد بن عبد الرحمن على هشام بن عبد الملك، وكان جميل الوجه، فاختلف إلى عبد الصمد بن عبد الأعلى مؤدب الوليد بن يزيد، فراوده عن نفسه، فوثب من عنده، ودخل على هشام وهو يقول:
إنه والله لولا أنت لم ... ينج مني سالما عبد الصمد
فقال هشام: ولم ذلك? قال:
إنه قد رام مني خطة ... لم يرمها قبله مني أحد
قال: ما هي? قال:
راح جهلا بي وجهلا بأبي ... يدخل الأفعى على حبس الأسد١
قال: فضحك هشام، وقال: لو فعلت به شيئا لم أنكره عليك.
ومن ألطف ما سمعته في هذا الباب قول أبي النواس في الهجاء:
إذا ما كنت جار أبي حسين ... فنم ويداك في طرف السلاح
فإن له نساء سارقات ... إذا ما بتن أطراف الرماح
سرقن وقد نزلت عليه أيري ... فلم أظفر به حتى الصباح
١ حبس الأسد: المراد غيله؛ لأن الحبس الجبل العظيم ونطاق الهودج وثوب يطرح على الفراش للنوم عليه.