للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكقوله:

كفي أراني ويك لومك ألوما١

والعجب أن هذين الشاعرين المفلقين يبتدئان بمثل ذلك ولهما من الابتداءات الحسنة ما أذكره.

أما أبو تمام فإنه افتتح قصيدته التي مدح بها المعتصم عند فتحه مدينة عمورية فقال:

السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف في ...

متونهن جلاء الشك والريب

هذه الأبيات لها قصة، وذاك أنه لما حضر المعتصم مدينة عمورية زعم أهل النجامة أنها لا تفتح في ذلك الوقت، وأفاضوا في هذا حتى شاع، وصار أحدوثة بين الناس، فلما فتحت بنى أبو تمام مطلع قصيدته على هذا المعنى، وجعل السيف أصدق من الكتب التي خبرت بامتناع البلد واعتصامها، ولذلك قال فيها:

والعلم في شهب الأرماح لامعة ... بين الخميسين لا في السبعة الشهب

أين الرواية أم أين النجوم وما ... صاغوه من زخرف فيها ومن كذب

تخرصا وأحاديثا ملفقة ... ليست بنبع إذا عدت ولا غرب٢

وهذا من أحسن ما يأتي في هذا الباب.


١
كفى أراني ويك لومك ألوما ... هم أقام على فؤاد أنجما
مطلع قصيدته في مدح إنسان مجهول "الديوان ٤/ ١٨٤".
كفي: دعي. أراني: يريد عرفني وأعلمني. ويك: كلمة تعجب وإنكار. هم فاعل أراني. أنجم: أقلع. يقول للعاذلة: اتركي عذلي، فقد أراني الهم المقيم على فؤادي الذاهب مع الحبيب أن لومك إياي أحق بأن يلام مني.
٢ من قصيدته في مدح المعتصم بعد فتح عمورية "الديوان ١/ ٤٥".
الصفائح: السيوف. النبع: شجر صلب تتخذ منه القسي. الغرب: شجر ضعيف لا قوة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>