للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ورد قوله في سيف الدولة، وكان ابن الشمشقيق حلف ليلقينه كفاحا، فلما التقيا لم يطق ذلك، وولى هاربا فافتتح أبو الطيب قصيدته بفحوى الأمر فقال:

عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم ... ماذا يزيدك في إقدامك القسم

وفي اليمين على ما أنت واعده ... ما دل أنك في الميعاد متهم١

وكذلك قوله وقد فارق سيف الدولة وسار إلى مصر، فجمع بين ذكر فراقه إياه ولقائه كافورا في أول بيت من القصيدة، فقال:

فراق ومن فارقت غير مذمم ... وأم ومن يممت خير ميمم٢

ومن البديع النادر في هذا الباب قوله متغزلا في مطلع قصيدته القافية وهي:

أتراها لكثرة العشاق ... تحسب الدمع خلقة في المآقي٣؟

وله مواضع أخر كثيرة لا حاجة إلى ذكرها.

ومن محاسن الابتداءات التي دلت على المعنى من أول بيت في القصيدة ما قرأته في كتاب الروضة لأبي العباس المبرد، فإنه ذكر غزوة غزاها الرشيد هارون رحمه الله في بلاد الروم، وأن نقفور ملك الروم خضع له، وبذل الجزية، فلما عاد عنه


١ "الديوان ٤/ ١٦٧" يقول: من حلف أن عاقبة الحرب له كانت عاقبته الندم؛ لأنه ربما لا يظفر، والقسم لا يزيد في الإقدام؛ لأن الجبان لا يقدم وإن حلف. يشير إلى أن البطريق المسمى ابن شمشقيق أقسم عند ملك الروم أنه لا بد أن يظفر بسيف الدولة، وسأله أن ينجده ببطارقته وبالعدد والمدد، ففعل، فخاب ظنه وانهزم.
٢ الديوان ٤/ ٣٣٣.
٣ مطلع قصيدته في مدح أبي العشائر الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان "الديوان ٣/ ١٢١" يريد أنها لكثرة عشاقها الباكين تتوهم أن الدمع خلقة في العيون فلا ترحم من يبكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>