ثم كتبت في هذا المعنى كتابين آخرين، وفي الذي أوردته من هذا الفصل مقنع.
ومن هذا الأسلوب ما كتبته إلى بعض الإخوان جوابا عن كتابه، وكانت الكتب قد انقطعت بيني وبينه زمانا، وهو: "لقاء كتب الأحباب كلقاء الأحباب، وقد تأتي بعد يأس منها فيشتبه دمع السرور بدمع الاكتئاب، ومن أحسنها كتاب المجلس السامي الفلاني جعل الله الليالي له صحبا, والمعاني له عقبا، ورفع مجده فوق كل ماجد حتى تكون حسناتهم لدى حسناته ذنبا، ولا زال اسمه في الأفواه عذبا وذكره في الألسنة رطبا، ووده لكل إنسان إنسانا ولكل قلب قلبا". ثم انتهيت إلى آخر الكتاب على هذا النسق، وإنما ذكرت ههنا مبتدأه؛ لأنه الغرض المقصود في هذه الموضع.
ومن ذلك ما كتبته إلى بعض الإخوان جوابا عن كتابه، وهو: "البشرى تعطى للكتاب كما تعطى لمرسله، وكل منهما يوفى حق قدره وينزل في منزله، وكذلك فعل الخادم بكتاب المجلس السامي الفلاني لا زال محله أنيسا، وذكره للفرقدين جليسا، وسعيه على المكارم حبيسا، ومجده جديد الملابس إذا كان المجد لبيسا", وههنا ذكرت في هذا الكتاب كما ذكرته من الذي قبله, فإني لم أذكر إلا مبدأه الذي هو الغرض.
ومما ينتظم في هذا السلك ما كتبته في صدر كتاب يتضمن تعزية، وهو: "لو لم يلبس قلمي ثوب الحداد لهجر مداده، ونضا عنه سواده، وبعد عن قرينته، وعاد إلى طينته, وحرم على نفسه أن يمتطي يدا، أو يجري إلى مدى، لكنه أحد فندب وبكى فسكب، وسطر هذا الكتاب من دموعه، وضمنه ما حملته أحناء ضلوعه، وإنما استعار ذلك من صاحبه الذي أعداه، وأبدى إليه من عزمه