للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ورد قول بعضهم:

فلا الجود يفني المال والجد مقبل ... ولا البخل يبقي المال والجد مدبر

وقد أكثر أبو تمام من هذا في شعره فأحسن في موضع وأساء في موضع، فمن إحسانه قوله:

ما إن ترى الأحساب بيضا وضحا ... إلا بحيث ترى المنايا سودا

وكذلك قال من هذه القصيدة أيضا:

شرف على أولى الزمان وإنما ... خلق المناسب أن يكون جديدا١

وعلى هذا النهج ورد قوله:

إذا كانت النعمى سلوبا من امرئ ... غدت من خليجي كفه وهي متبع

وإن عثرت سود الليالي وبيضها ... بوحدته ألفيتها وهي مجمع

ويوم يظل العز يحفظ وسطه ... بسمر العوالي والنفوس تضيع

مصيف من الهيجا ومن جاحم الوغى ... ولكنه من وابل الدم مربع٢

ومن هذا الأسلوب قوله أيضا:

تقرب الشقة القصوى إذا أخذت ... سلاحها وهو الإرقال والرمل

إذا تظلمت من أرض فصلت بها ... كانت هي العز إلا أنها ذلل


١ من قصيدته في مدح خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني، ومطلعها:
طلل الجميع لقد عفوت حميدا ... وكفى على رزئي بذاك شهيدا
"الديوان ١/ ٤١٠" كان في الأصل "سوف" بدلا من شرف، يريد أن ما كان حديثا جديدا كان خلقا لا يتفكر فيه.
٢ من قصيدته في مدح أبي سعيد محمد بن يوسف الثغري "الديوان ٢/ ٣١٧" كان في الأصل "وهو تبع" و"هيجاء" و"حاجم"، السلوب: التي سلب منها ولدها. المتبع التي يتبعها ولدها. خليجي كفه المراد الكف الواحدة. يقول: إذا كانت النعمة من منعم واحدة فإن نعمة هذا الممدوح يتبعها غيرها من النعم. مصيف من الهيجا: هذا اليوم صيف من حر الحرب. مربع: مجتمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>