للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما وقع له، فإن جميلا إنما أراد بقوله: وصلتك أي: أتيتك زائرا وقاصدا, أو كنت راسلتك مراسلة، والوصل لا يخرج عن هذين الوصفين, إما زيارة، وإما رسالة.

ومن أعجب ما وجدته في هذا الباب ما ذكره أبو العلاء محمد بن غانم المعروف بالغانمي هو قول العباس بن الأحنف:

وصالكم هجر وحبكم قلى ... وعطفكم صد وسلمكم حرب١

ثم قال الغانمي: هذا والله أصح من تقسيمات إقليدس٢.

ويالله العجب, أين التقسيم من هذا البيت? هذا والله في واد والتقسيم في واد، ألا ترى أنه لم يذكر شيئا تحضره القسمة، وإنما ذم أحبابه في سوء صنيعهم به، فذكر بعض أحواله معهم، ولو قال أيضا:

ولينكم عنف وقربكم نوى ... وإعطاؤكم منع وصدقكم كذب

لكان هذا جائزا، وكذلك لو زاد بيتا آخر لجاز، ولو أنه تقسيم لما احتمل زيادة، والأولى أن يضاف هذا البيت الذي ذكره الغانمي إلى باب المقابلة، فإنه أولى به؛ لأنه قابل الوصل بالهجر، والعطف بالصد، والسلم بالحرب.

ومن فساد التقسيم قول البحتري في قصيدته التي مطلعها:

ذاك وادي الأراك فاحبس قليلا

فقال:


١ "الديوان ١٣".
٢ سبق التعريف بالغانمي. إقليدس: رياضي هندسي يوناني قديم.

<<  <  ج: ص:  >  >>