للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لغو من الحديث لا فائدة فيه، فإن شرف الأنساب إنما هو إلى الرجال، لا إلى النساء، ويا ليت شعري أما سمع أبو نواس قول قتيلة بنت النضر في النبي صلى الله عليه وسلم:

أمحمد ولأنت نجل كريمة ... من قومها والفحل فحل معرق

ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق١

فإنها ذكرت الأم بغير اسم الأم، وأبرزت هذا الكلام في هذا اللباس الأنيق.

وكذلك فليكن المادح إذا مدح، وأبو نواس مع لطافة طبعه وذكائه وما كان يوصف به من الفطنة قد ذهب عليه مثل هذا الموضع مع ظهوره.

وليس لقائل أن يعترض على ما ذكرته بقوله تعالى حكاية عن موسى وأخيه هارون عليهما السلام: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي} ٢ فإن الفرق بين الموضعين ظاهر؛ لأن المنكر على أبي نواس إنما هو التلفظ باسم الأم، وهي زبيدة، وكذلك اسم الجدة، وهي الخيزران وليس كذلك ما ورد في الآية. فإن قيل: قد ورد في القرآن الكريم ما يسوغ لأبي نواس مقالته، وهو قوله تعالى


١ وفدت قتيلة بنت النضر بن الحارث على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أمر بقتله عقب غزوة بدر، فأنشدته أبياتا أولها:
يا راكبا إن الأثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موفق
بلغ به ميتا فإن تحية ... ما إن تزال بها الركائب تخفق
سيرة ابن هشام "١/ ٣٥٩" والإصابة ٨٨٤ قسم النساء ومعجم البلدان "الأثيل" والعمدة ١/ ٣٠ وذكر ابن إسحاق في السيرة وأبو الفرج في الأغاني ١/ ٩ والحصري في زهر الآدب ١/ ٢٢ أنها بنت الحارث، وتكون إذا أخت النضر لابنته.
الأثيل: موضع كان فيه قبر النضر. المظنة: المنزل المعلم. من صبح خامسة: تريد من من صبح ليلة خامسة لليلة التي تبدأ فيها السير إلى الأثيل وأنت على الطريق غير عادل عنه تخفق: تضرب وتتحرك.
٢ سورة طه ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>