للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت دلو وذو السماح أبو مو ... سى قليب وأنت دلو القليب١

ومراده من ذلك أنه جعله سببا لعطاء المشار إليه كما أن الدلو سبب في امتياح الماء من القليب، ولم يبلغ هذا المعنى من الإغراب إلى حد يدندن أبو تمام حوله هذه الدندنة، ويلقيه في هذا المثال السخيف، على أنه لم يقنع بهذه السقطة القبيحة في شعره، بل أوردها في مواضع أخرى منه، فمن ذلك قوله:

ما زال يهذي بالمكارم والعلا ... حتى ظننا أنه محموم٢

فإنه أراد أن يبالغ في ذكر الممدوح باللهج بالمكارم والعلا، فقال: "ما زال يهذي" وما أعلم ما كانت حاله عند نظم هذا البيت:

وعلى نحو منه جاء قول بعض المتأخرين:

ويلحقه عند المكارم هزة ... كما انتفض المجهود من أم ملدم٣

وهذا وأمثاله لا يجوز استعماله، وإن كان المعنى المقصود به حسنا، وكم ممن يتأول معنى كريما فأساء في التعبير عنه حتى صار مذموما، كهذا وأمثاله.


١ القليب: البئر. ليست القصيدة بالديوان. البيت بالصناعتين ٣٥٦.
٢ من مدحته لأبي الحسين بن شبابة بن الهيثم التي مطلعها:
أسقى طلولهم أجش هزيم ... وغدت عليهم نضرة ونعيم
"الديوان ٣/ ٢٨٩" والبيت في الديوان هكذا:
ما زال يهذي بالمواهب دائبا ... حتى ظننا أنه محموم
ويروى بالمواهب والندى.
أجش: يوصف به كأن به جشة وقوة. هزيم: رعد ذو صوت، أو رعد ممطر.
٣ أم ملدم: الحمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>