للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن العادة أوجبت للناس مثل هذا التعمق في ترك الخطاب بالكاف، لكني تأملت أدب الشعراء والكتاب في هذا الموضع فوجدت الخطاب لا يعاب في الشعر ويعاب في الكتابة إذا كان المخاطب دون المخاطب درجة، وأما إن كان فوقه فلا عيب في خطابه إياه بالكاف؛ لأنه ليس من التفريط في شيء, فمن خطاب الكاف قول النابغة:

وإنك كالليل الذي هو مدركي وإن ... خلت أن المنتأى عنك واسع١

وكذلك ورد قوله أيضا:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب٢

وعليه جاء قول بعض المتأخرين أيضا، فقال أبو نواس:

إليك أبا المنصور عذبت ناقتي ... زيارة خل وامتحان كريم

لأعلم ما تأتي وإن كنت عالما ... بأنك مهما نأت غير ملوم٣

وكذلك ورد قول السلامي٤:

إليك طوى عرض البسيطة جاعل ... قصارى المطايا أن يلوح لها القصر

وبشرت آمالي بملك هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر٥


١ من قصيدته في الاعتذار إلى النعمان بن المنذر "الديوان ٧١".
٢ من اعتذاره للنعمان بن المنذر "الديوان ١٧".
٣ من قصيدة في مدح الفضل بن الربيع، مطلعها:
لمن دمن تزداد حسن رسوم ... على طول ما أقوت وطيب نسيم
"الديوان: ٤٤٧".
٤ من أشهر شعراء العراق ولد بكرخ بغداد ٣٣٦هـ وينتسب إلى بني مخزوم "يتيمة الدهر ٢/ ٣٩٥".
٥ قصارى المطايا: هدفها وغايتها. وكانت بالأصل نصار المطايا "يتيمة الدهر ٢/ ٤٠١".

<<  <  ج: ص:  >  >>