للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه ورد قوله البحتري:

ولقد أتيتك طالبا فبسطت من ... أملي وأطلب جود كفك مطلبي١

وجل خطاب الشعراء للممدوحين إنما هو بالكاف.

وذلك محظور على الكتاب، فإنه ليس من الأدب عندهم أن يخاطب الأدنى الأعلى بالكاف، وإنما يخاطبه مخاطبة الغائب لا مخاطبة الحاضر.

على أن هذا الباب بجملته يوكل النظر فيه إلى فطانة الخطيب والشاعر، وليس مما يوقف فيه على المسموع خاصة.

ومن ألطف ما وجدته أنك إذا خاطبت الممدوح أن تترك الخطاب بالأمر بأن تقول: افعل كذا وكذا، وتخرجه مخرج الاستفهام، وهذا الأسلوب حسن جدا، وعليه مسحة من جمال، بل عليه الجمال كله.

فمما جاء منه قول البحتري في قصيدة أولها:

بودي لو يهوى العذول ويعشق

فقال منها:

فهل أنت يابن الراشدين مختمي ... بياقوتة تبهى علي وتشرق٢

وهذا من الأدب الحسن في خطاب الخليفة، فإنه لم يخاطبه بأن قال: ختمني بياقوتة، على سبيل الأمر بل خاطبه على سبيل الاستفهام، وقد أعجبني هذا المذهب، وحسن عندي.


١ الديوان ١/ ٢٠".
وفيه "إني أتبتك" أطلب جود كفك مطلبي: ما طلبت.
٢ من قصيدته في مدح المعتز بالله، والشطر الثاني من البيت هو:
فيعلم أسباب الهوى كيف تعلق
"الديوان ٢/ ١٢٤".
تبهى: تحسن وتجمل. ويصح أن تكون تبهى على وزن تعطي والمعنى واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>