للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر غير ما ذكرته، وليس الغرض أن يؤتى على جميع ما جاء به هو ولا غيره من المعاني المبتدعة، بل الغرض أن يبين المعنى المبتدع من غيره. والذي عندي في السرقات أنه متى أورد الآخر شيئا من ألفاظ الأول في معنى من المعاني، ولو لفظة واحدة فإن ذلك من أدل الدليل على سرقته.

واعلم أن علماء البيان قد تكلموا في السرقات الشعرية فأكثروا،١ وكنت ألفت فيها كتابا، وقسمته ثلاثة أقسام: نسخا، وسلخا، ومسخا.

أما النسخ فهو: أخذ اللفظ والمعنى برمته، من غير زيادة عليه، مأخوذا ذلك من نسخ الكتاب.

وأما السلخ هو: أخذ بعض المعنى, مأخوذا ذلك من سلخ الجلد الذي هو بعض الجسم المسلوخ.

وأما المسخ فهو: إحالة المعنى إلى ما دونه، مأخوذا ذلك من مسخ الآدميين قردة.

وههنا قسمان آخران أخللت بذكرهما في الكتاب الذي ألفته، فأحدهما أخذ المعنى مع الزيادة عليه، والآخر عكس المعنى إلى ضده، وهذان القسمان ليسا بنسخ ولا سلخ ولا مسخ.


١ من العلماء والنقاد الذي درسوا السرقات القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني مؤلف الوساطة، فقد قسم المعاني ثلاثة أقسام: المعاني المشتركة التي لا يجوز ادعاء السرقة فيها، والمعاني المبتذلة التي كانت في أصلها مخترعة ثم استفاضت وتنوقلت فليس أحد أولى بها من أحد، والمعاني المختصة التي حازها المبتدئ فملكها، فصار المعتدي مختلسا سارقا "الوساطة ١٧٩".
وكذلك أبو هلال العسكري الذي أفاض في الكلام في السرقات وضروبها وتكلم في الأخذ الحسن ووسائله والقبيح وضروبه "الصناعتين ١٩٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>