للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمما وقفت عليه أنه سئل أبو عمرو بن العلاء عن الأخطل فقال: لو أدرك يوما واحدا من الجاهلية ما قدمت عليه أحدا١.

وهذا تفضيل بالأعصار، لا بالأشعار، وفيه ما فيه ولولا أن أبا عمرو عندي بالمكان العلي لبسطت لساني في هذا الموضع.

وسئل جرير عن نفسه وعن الفرزدق والأخطل، فقال: أما الفرزدق ففي يده نبعا من الشعر وهو قابض عليها، وأما الأخطل فأشدنا اجتراء، وأرمانا للفرائص٢، وأما أنا فمدينة الشعر.

وهذا القول في التفضيل قول إقناعي٣ لا يحصل منه على تحقيق، لكنه أقرب حالا مما روي عن أبي عمرو بن العلاء.

وسئل الأخطل عن أشعر الناس، فقال: الذي إذا مدح رفع، وإذا هجا وضع، فقيل: فمن ذاك? قال: الأعشى، قيل: ثم من? قال: طرفة.

وهذا قول فيه بعض التحقيق، إذ ليس كل من رفع بمدحه ووضع بهجائه كان أشعر الناس؛ لأن المعاني الشعرية كثيرة والمدح والهجاء منها.

وسئل الشريف الرضي عن أبي تمام وعن البحتري وعن أبي الطيب، فقال: أما أبو تمام فخطيب منبر، وأما البحتري فواصف جؤذر٤, وأما المتنبي فقاتل عسكر.


١ الأغاني ٧/ ١٦٣ وفيه تفضيل له على معاصريه.
٢ الفرائص: جمع فريصة وهي اللحمة بين الجنب والكف، والمراد المقاتل. وكانت بالأصل "القرائض" ولعلها الفرائص كما رجحنا، أو القريض بمعنى الشعر.
٣ يريد أنه كلام خطابي لا دليل عليه.
٤ الجؤذر: ولد البقرة الوحشية، والمراد أنه صاحب غزل.

<<  <  ج: ص:  >  >>