للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال أبو نواس:

تتمنى الطير غزوته ... ثقة باللحم من جزره١

وقال مسلم بن الوليد:

قد عود الطير عادات وثقن بها ... فهن يتبعنه في كل مرتحل٢

وقال أبو تمام:

وقد ظللت أعناق أعلامه ضحى ... بعقبان طير في الدماء نواهل

أقامت مع الرايات حتى كأنها ... من الجيش إلا أنها لم تقاتل٣

وقد ذكر هذا المعنى غير هؤلاء، إلا أنهم جاءوا بشيء واحد لا تفاضل بينهم فيه، إلا من جهة حسن السبك، أو من جهة الإيجاز في اللفظ، ولم أر أحدا أغرب في هذا المعنى فسلك هذه الطريق مع اختلاف مقصده إليها إلا مسلم بن الوليد، فقال:

أشربت أرواح العدا وقلوبها ... خوفًا فأنفسها إليك تطير


١من قصيدته في مدح العباس بن عبيد الله "الديوان ٤٣١" وزهر الآداب ٤/ ١٣٤ ورواية الديوان
تتأيى الطير غدوته
ومعنى تتأيى تقصد. الجزر: جمع جزور وهو البعير أو الناقة المجزورة، والمراد قتلى الحرب.
٢ من قصيدته في مدح يزيد بن مزيد الشيباني "الديوان ١٢".
٣ من قصيدته في مدح المعتصم والأفشين "الديوان ٨٢" وفي الديوان "عقبان أعلامه" شبه الأعلام بالعقبان، وجعل عقبان الطير آلفة لها لما اعتادت من أكل لحوم الأعداء. وفي أخبار أبي تمام للصولي حديث عن هذا المعنى قال فيه الذي سبق إليه مسلم وأبو نواس، وسبقهم جميعا إليه النابغة، ثم قال إن معنى النابغة من قول الأفوه الأودي الشاعر الجاهلي:
فترى الطير على آثارنا ... رأى عين ثقة أن ستمار
أخبار أبي تمام ١٦٤، ومثل هذا بالصناعتين ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>