للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المقابلة السيئة؛ لماذا؟ لأنه جعل ضد الموت فرح القلب وضد الصد بوجهه الوصل.

قال: وهذه مقابلة قبيحة، ولو قال: أموت إذا ما صدني بوجهه وأحيا إذا مل الصدود وأقبل، فجعل ضد الموت الحياة وضد الصد بالوجه الإقبال لكان مصيبًا. ومعنى هذا أنه يرى أن المقابلة الحسنة لا تكون إلا بالتضاد الحقيقي، أما إذا لم تكن كذلك فهي مقابلة قبيحة سيئة.

وأي ناظر في البيت المعيب والبيت البديل، يرى أن العيب فيما صنعه ابن وهب مع تحقق التضاد فيه؛ لأن القضية قضية معنى، وليست قضية تحقق التضاد أو عدم تحققه، إن الشاعر قال:

ويفرح قلبي حين يرجع للوصل

.....................

فجعل فرح القلب مرتبطًا برجوعه للوصل، والقلب هو موطن الحب وهو الذي يظهر فيه أثر الصد والوصل، فجعل الفرح فيه مناسبًا لما نحن فيه، ثم إنه جعل رجوع المحبوب رجوعَ وصل، وهذا شرط ضروري لفرح القلب، وفرح القلب دليل حياته، فهو يدل على الحياة والزيادة، أما البيت المقترح فإنه لم يزد على أن جعل ضد الموت الحياةِ، والحياةُ على أهميتها وقيمتها لا تدل على الفرح، فما أكثر ما في الحياة من الثكالى والمحزونين والبؤساء والمكتئبين، فلا دليل هنا على فرح القلب ولا على الفرح مطلقًا، ثم إنه هنا لم يجعل الإقبال إقبال وصل كما هناك، وإنما هو إقبال من مل الصدود، وكأن المسألة مسألة تغيير في الحالة فقط، فإذا مل الصدود أقبل ولكن هل أقبل للوصل؟ ذلك ما لا يفيده البيت المقترح، ورجعة الوصل هي التي تحيي القلوب وتفرحها، ولكن يبدو أن الرغبة في تحقق التضاد أهم عنده من سلامة المعنى وقيمته.

<<  <   >  >>