للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مقابلة اثنين باثنين قول النابغة الذبياني:

فتًى كم فيه ما يسر صديقه ... على أن ما فيه ما يسوء الأعادي

وقول المعري:

يا دهر يا منجز إيعاده ... ومخلف المأمول من وعده

وقول آخر:

فواعجب كيف اتفقنا فناصح ... وفيٌّ ومطوي على الغل غادر

فقابل النصح والإخاء بالطي على الغِل والغدر.

ومن مقابلة ثلاثة بثلاثة قول البحتري:

فإن حاربوا أذلوا عزيزًا ... وإذا سالموا أعزوا ذليلًا

ومنه قول أبي دلامة السابق:

ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل

كل هذا من مقابلة ثلاثة بثلاثة، وهذا البيت الذي قال فيه الخطيب: أنه صحيح المقابلة، كان صاحبه يرى أنه أشعر بيت قالته العرب، فقد سأل أبو جعفر المنصور أبا دلامة عن أشعر بيت قالته العرب، قال: بيت يلعب به الصبيان قال: وما هو ذاك؟ قال هو قول الشاعر، وذكر البيت.

ومع هذا كله، نرى أن المقابلة بين الدنيا والإفلاس ليست مقابلة خالصة، الذي يقابل الدنيا هو الآخرة لا الإفلاس، وكأنه عنى بالدنيا هنا كثرة المال كما يقال إذا كثر مال الرجل: أقبلت الدنيا على فلان، وإذا قل ماله قالوا: أدبرت عنه الدنيا. ولكن هذا المعنى ليس هو الأصل في اللفظ وإنما يأخذ من ظلاله، ومع هذا فهو بيت جيد المقابلة عند الخطيب مع أنه جعل بيت أبي الطيب:

<<  <   >  >>