تجلَّى به رشدي وأثرتْ به يدي ... وفاضَ به ثَمْدي وأورَى به زِندي
فزندي ويدي مختلفان وزنًا، متفقان رويًا. أما رشدي وثمدي وزندي: فمتفقة في الروي والوزن معًا، والمراد بالوزن هنا الوزن العروضي لا الصرفي.
النوع الثاني من المشترك بين النثر والشعر: ما يسمى بالمرصع وهو أن يكون ما في إحدى القرينتين من الألفاظ أو أكثره مثل ما يقابله من الأخرى وزنًا وتقفيةً، كما في قول الله تعالى:{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}(الانفطار: ١٣، ١٤) فالأبرار في الوزن والتقفية مثل الفجار، ونعيم كذلك مثل جحيم، ومثله قوله -سبحانه وتعالى:{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}(الغاشية: ٢٥، ٢٦) وقوله -عز وجل:{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}(العاديات: ١ - ٥) ومثله قوله -صلى الله عليه وسلم:((اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، وأعط ممسكًا تلفا)) ومنه قول الحريري: فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه. ومنه شعرًا قول أبي فِراس الحمداني:
النوع الثالث -ما يشترك فيه السجع بين الشعر والنثر: ما يسمى بالمتوازي، وهو ما اتفقت فيه الفاصلتان فقط وزنًا وتقفيةً، كما في قول الله تعالى:{فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ}(الغاشية: ١٣، ١٤) فإن: {مَرْفُوعَةٌ} و {مَوْضُوعَةٌ} متفقتان وزنًا ورويًّا. ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم:((اللهم إني أدرأ بك في نحورهم، وأعوذ بك من شرورهم)) فـ ((نحورهم)) و ((شرورهم)) متفقتان وزنًا وقافيةً. ومنه شعرًا قول المتنبي -وقد مر بنا: