فنحن في جذل والروم في وجل ... والبر في شغل والبحر في خجل
فالشطر الأول مسجوع سجعًا متوازيًا، والشطر الثاني من السجع المرصع، فإن اتفقت الفاصلتان في الوزن دون القافية سُمي هذا باسم الموازنة، كقوله تعالى:{وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}(الغاشية: ١٥، ١٦) فلفظا: {مَصْفُوفَةٌ} و {مَبْثُوثَةٌ} متفقان في الوزن لا في القافية، فالأولى على الفاء والثانية على الثاء، وهما حرفان متقاربان لا متفقان. ومنه قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا * فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا}(مريم: ٨٣، ٨٤) فـ {أَزًّا} و {عَدًّا} اتفقتا وزنًا واختلفتَا قافيةً. فإن كان ما في إحدى القرينتين من الألفاظ أو أكثر ما فيهما مثل ما يقابله من الأخرى في الوزن دون القافية، خُصَّ باسم المماثلة، وهذا هو النوع الخامس، كقول الله تعالى:{وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ * وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}(الصافات: ١١٧، ١١٨). ومنه شعرًا قول أبي تمام:
مها الوحش إلا أن هاتا أوانسٌ ... قنا الخط إلا أن تلك ذوابل
وقول البحتري: فأحجم -أي: الأسد الذي بارزه الممدوح:
فأحجم لما لم يجد فيك مطمعا ... وأقدم لما لم يجد عنك مهربًا
وكما يقع السجع في كلام شخص واحد فقد يقع في كلام شخصين، كما حُكِي من أنه قيل لرجل: ما أحسن السجع؟ قال: ما راق في السمع، قيل: مثل ماذا؟ قال: مثل هذا، يقصد ما سبق من جواب وسؤال. ومنه: ما روي من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل عمن قتل أحد الكفرة، فقالوا له: ابن الأكوع، فقال -صلى الله عليه وسلم:((له سلبه أجمع)). وأما أنواعه الخاصة بالشعر فهي؛ أولًا: التشطير؛ وهو أن يُجعل كل شطر من شطري البيت سجعتين، بحيث تختلف سجعتا كل شطر عن سجعتي الشطر الآخر في القافية، كما في قول أبي تمام: