الثاني: أن يتابعهم في ذلك راضيا بحكم الله وعالما بأنه أمثل وأصلح للعباد والبلاد، ولكن لهوى في نفسه اختاره، كأنه يريد مثلا وظيفة؛ فهذا لا يكفر، ولكنه فاسق، وله حكم غيره من العصاة.
الثالث: أن يتابعهم جاهلا، فيظن أن ذلك حكم الله؛ فينقسم إلى قسمين:
أ- أن يمكنه أن يعرف الحق بنفسه؛ فهو مفرط أو مقصر، فهو آثم؛ لأن الله أمر بسؤال أهل العلم عند عدم العلم.
ب- أن لا يكون عالما ولا يمكنه التعلم فيتابعهم تقليدا ويظن أن هذا هو الحق؛ فهذا لا شيء عليه لأنه فعل ما أمر به وكان معذورا بذلك، ولذلك ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(من أفتي بغير علم؛ فإنما إثمه على من أفتاه) فلو قلنا: بإثمه بخطأ غيره؛ للزم من ذلك الحرج والمشقة، ولم يثق الناس بأحد لاحتمال خطئه ا. هـ
وفي ذكر الرهبان في الآية: التنبيه على أن الطاعة في تحليل الحرام، وتحريم الحلال، جاءت أيضا من جهة الرهبان العباد، وهذا موجود عند المتصوفة وأهل الغلو في التصوف، والغلاة في تعظيم رؤساء الصوفية، فإنهم أطاعوا مشايخهم والأولياء الذين زعموا أنهم أولياء، أطاعوهم في تغيير الملة، فهم يعلمون أن السنة هي كذا وكذا، وأن خلافها بدعة، ومع ذلك أطاعوهم تعظيما للشيخ، وتقديسا للولي، أو يعلمون أن هذا شرك والدلائل عليه من القرآن والسنة ظاهرة، لكن تركوه وأباحوا ذلك الشرك وأحلوه؛ لأن شيخهم ومقدمهم ورئيس طريقتهم أحله، وهذا موجود في كثير من الأمصار، وهو نوع من اتخاذ أولئك العباد أربابا من دون الله - جل وعلا.