للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرهبان، ولا نسجد لهم، ولا نركع ولا نذبح ولا ننذر لهم، وهذا صحيح بالنسبة للأحبار والرهبان، بدليل قوله: (أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟! فإن هذا الوصف لا ينطبق على عيسى أبدا؛ لأنه رسول الله، فما أحله؛ فقد أحله الله، وما حرمه؛ فقد حرمه الله، … ويجاب عن التعليل المذكور بأن قول عدي: "لسنا نعبدهم" يعود على الأحبار والرهبان، أما عيسى ابن مريم؛ فالمعروف أنهم يعبدونه. وقوله: " فتلك عبادتهم ": ووجه كونها عبادة: أن من معنى العبادة الطاعة، وطاعة غير الله عبادة للمطاع، ولكن بشرط أن تكون في غير طاعة الله، أما إذا كانت في طاعة الله؛ فهي عبادة لله؛ لأنك أطعت غير الله في طاعة الله، كما لو أمرك أبوك بالصلاة فصليت؛ فلا تكون قد عبدت أباك بطاعتك له، ولكن عبدت الله؛ لأنك أطعت غير الله في طاعة الله؛ ولأن أمر غير الله بطاعة الله وامتثال أمره؛ هو امتثال لأمر الله. ويستفاد من الحديث:

• أن الطاعة بمعنى العبادة عبودية مقيدة.

• أن الطاعة في مخالفة شرع الله من عبادة المطاع، أما في عبادة الله، فهي عبادة لله.

• أن اتباع العلماء والعباد في مخالفة شرع الله من اتخاذهم أربابا.

واعلم أن اتباع العلماء أو الأمراء، في تحليل ما حرم الله أو العكس، ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: أن يتابعهم في ذلك راضيا بقولهم، مقدما له، ساخطا لحكم الله؛ فهو كافر لأنه كره ما أنزل الله، فأحبط الله عمله، ولا تحبط الأعمال إلا بالكفر، فكل من كره ما أنزل الله؛ فهو كافر.

<<  <   >  >>