عبد مع المحبة، والتعظيم. والتأَلُّه: العبادة على ذاك النحو، فتوحيد الإلاهية، أو توحيد الألوهية: هو توحيد العبادة، يعني: جَعْل العبادة لواحد، وهو الله - جل جلاله-. والعبادة التي يفعلها العبد أنواع، والله - جل وعلا - هو المستحق للألوهة وللعبادة، فهو ذو الألوهة، وهو ذو العبادة على خلقه أجمعين.
و"توحيد الألوهية ": هو أيضا توحيد الله بأفعال العبد المتنوعة، التي يوقعها على جهة التقرب، فإذا توجه بها لواحد وهو الله- جل وعلا- كان موحدا إياه توحيد الإلاهية، وإذا توجه العبد بها لله ولغيره كان مشركا في هذه العبادة. وبدأ به الناظم لأنه أهم الأنواع الثلاثة ولذا قال: وهو أهمها: فحاجة الناس إلى بيان هذا النوع من التوحيد عظيمة ويجهله كثير من الناس فيقعون في الشرك وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وأما توحيد الربوبية فلم يعارض فيه المشركون الذين بعث فيهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بل كانوا مقرين به، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[الزخرف: ٩] فهم يقرون بأن الله هو الذي يدبر الأمر، وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض. ولم ينكره أحد معلوم من بني آدم، إلا ما حصل من فرعون؛ فإنه أنكره مكابرة، {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[النازعات: ٢٤]، {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}[القصص: من الآية ٣٨]. وهذا مكابرة منه لأنه يعلم أن الرب غيره، كما قال تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}[النمل: ١٤] وقال تعالى حكاية عن موسى وهو يناظره: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ}[الاسراء: ١٠٢] فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله- عز وجل-.