للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لم يشركوا معه في محبته أحداً كما فعل مدعو محبته من المشركين الذين اتخذوا من دونه أنداداً يحبونهم كحبه. فأهل (لا إله إلا الله) يحبون الله حبا خالصا وأهل الشرك يحبونه ويحبون معه غيره وهذا ينافي مقتضى (لا إله إلا الله). قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: قول لا إله إلا الله تقتضي أن لا يحب سواه فإن (الإله) هو: الذي يطاع فلا يعصي محبة وخوفا ورجاء. ومن تمام محبته محبة ما يحبه، وكراهة ما يكرهه، فمن أحب شيئا مما يكرهه الله أو كره شيئا مما يحبه الله لم يكمل توحيده وصدقه في قول (لا إله إلا الله) وكان فيه من الشرك الخفي بحسب ما كرهه مما يحبه الله وما أحبه مما يكرهه الله؛ قال الله تعالى {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٢٨] قال الليث عن مجاهد في قوله {لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: ٥٥] قال: لا يحبون غيري (١) .... إلخ (٢).

(٨) الكفر بالطاغوت: والطاغوت: مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد. وتقدم الكلام عليه في البيت الخامس عشر ودليل هذا الشرط: قول الله عز وجل: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)} [البقرة: ٢٥٦] ومعنى {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} أي ينكر عبادة غير الله ويتبرأ منها ويجحدها ويبين أنها باطلة. {وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ}


(١) رواه أبو إسحاق الختلي في "المحبة لله" رقم (٦٤) قال: ثنا أبو بحر فرات بن محبوب السكوني ثنا عبيد الله الأشجعي عن سفيان عن ليث عن مجاهد في قوله تعالى: {لا يشركون بي شيئاً}، قال: لا يحبون غيري. ومن طريق فرات رواه أبو نعيم في الحلية (ترجمة مجاهد). وفي إسناده: ليث وهو ابن أبي سليم ضعيف مختلط.
(٢) من كتاب كلمة الإخلاص لابن رجب -رحمه الله-.

<<  <   >  >>