للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جواب القسم، فمن وقوع إن في جواب القسم قوله تعالى: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (يس: ٣) جوابًا لقوله عز وجل: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} (يس: ١، ٢). ولمَّا لم يجز وقوع لكن في جواب القسم امتنع أن تكون اللام للقسم، وإذا بطل أن تكون اللام للتوكيد وأن تكون للقسم؛ تعين بطلان الحكم نفسه، وهو دخول اللام في خبر لكن. وأما قول الشاعر:

ولكنني من حبها لعميد

فلا حجة فيه لشذوذه، إذ لا يعلم له تتمة، ولا قائل، ولا راوٍ عدل يقول: سمعت ممن يوثق بعربيته، والاستدلال بما هو هكذا في غاية الضعف، ولهذا لا يكاد يُعرف له نظير في كلام العرب وأشعارهم. ولو كان قياسًا مطردًا لكان ينبغي أن يكثر في كلامهم وأشعارهم كما جاء في خبر إن، وفي عدم ذلك دليل على أنه شاذ لا يُقاس عليه. وقد أورد أبو البركات الأنباري هذه المسألة في كتابه (الإنصاف في مسائل الخلاف)، وأوضح أن الكوفيين ذهبوا إلى أنه يجوز دخول اللام في خبر لكن، كما يجوز في خبر إن نحو: ما قام زيد لكن عمروًا لقائم، وذهب البصريون إلى أن ذلك لا يجوز، وأن الكوفيين قد احتجوا على ذلك بالنقل والقياس. أما النقل -أي: السماع- فقد جاء عن العرب إدخال اللام على خبرها، قال الشاعر:

ولكنني من حبها لكميد

وقد ذكر محقق (الإنصاف) شيخنا المرحوم محمد محيي الدين عبد الحميد -طيب الله ثراه- في تعليقه على هذا الشاهد أن أكثر العلماء الذين استشهدوا به ينصون على أنه لا يعلم قائله، ولا تعرف له تتمة، ولا سوابق أو لواحق، إلا ابن عقيل، فإنه رواه بيتًا كاملًا من غير عزو هكذا:

<<  <   >  >>