للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الدرس: ٢ أمثلة العلة النحوية للخليل وسيبويه.]

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثاني

(أمثلة العلة النحوية للخليل وسيبويه)

بعض أمثلة التعليل النحوي للخليل بن أحمد، وسيبويه

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

المثال الأول: قال سيبويه في (الكتاب) في باب الأفعال التي تستعمل وتلغى: "وسألته عن أيهم، لم لم يقولوا: أيهم مررت به؟ فقال: لأن أيهم هو حرف الاستفهام لا تدخل عليه الألف، وإنما تركت الألف استغناء، فصارت بمنزلة الابتداء، ألا ترى أن حدَّ الكلام أن تؤخِّر الفعل فتقول: أيهم رأيت، كما تفعل ذلك بالألف، فهي نفسها بمنزلة الابتداء" انتهى. ذكر السيرافي أن قول سيبويه في (الكتاب): "وسألته" إنما يعني به الخليل، وكذلك كل ما ورد في (الكتاب) مثله إذا لم يتقدم ذكر عالم غيره، فسيبويه يسأل شيخه الخليل لِمَ لم يجز نصب اسم الاستفهام أيٍّ بفعل مضمر يُفسره الفعل المذكور، كما اختير في قولك: أزيدًا ضربته. فأجابه الخليل بأن هناك فرقًا بين التعبيرين، فنحن إذا قلنا: أزيدًا ضربته، فأداة الاستفهام -وهي الهمزة- منفصلة من زيد بمعنى: أنها كلمة مستقلة عنه قائمة بنفسها، وهي بالفعل أولى؛ إذ الغالب دخولها على الأفعال، فأضمرنا بينها وبين زيد فعلًا ينصبه.

أما أي في المثال فهي اسم متضمن معنى همزة الاستفهام، مثل من وما، وسائر أسماء الاستفهام، فلا تدخل عليها همزة الاستفهام التي يغلب دخولها على الأفعال؛ لأن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام، ولتضمنها معنى الاستفهام صار لها الصدارة كالهمزة، فلا يعمل فيها متقدم عليها، وصار حد الكلام أن تؤخر الفعل عنها فتقول مثلًا: أيهم رأيت، فالمثال الذي فيه أي هنا بمنزلة قولنا: زيد ضربته في اختيار رفع الاسم المتقدم، وما أجاز نحو: زيدًا ضربته، بنصب زيد بمرجوحية، بتقدير: ضربت زيدًا ضربته، يجيز أن يقال: أيَهم مررت به،

<<  <   >  >>