للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتمسكوا -أي: القائلون بأن العكس ليس بشرط في صحة العلة- في الدلالة على أن العكس ليس بشرط في العلة، بأن هذه العلة مشبهة بالدليل العقلي، والدليل العقلي يدل وجوده على وجود الحكم ولا يدل عدمه على عدم الحكم، فإن وجود العالم يدل على وجود الصانع، ولا يدل عدمه على عدمه". وأبطل أبو البركات الأنباري ما ذهب إليه أصحاب هذا الرأي الأخير، وأفسد دليلهم، فقال: "وهذا ليس بصحيح، وذلك أن الدليل لو تُصور عدمه لَعُدِمَ المدلول، فإن مدلول العالم العلم بالصانع مع نتيجة وجود العالم، والعالَم لن يُتصور خروجه عن أن يكون موجودًا في الوقت الذي كان موجودًا فيه، ولو تصور عدمه لعدم المدلول وهو العلم بالصانع، وإذا كان ذلك شرطًا في الدليل العقلي فكذلك ها هنا أي: كما قال الأولون".

عدم التأثير

القادح الثالث من القوادح في العلة: عدم التأثير؛ أي: عدم التأثير للوصف في الحكم، قال السيوطي: "وهو أن يكون الوصف لا مناسبة فيه". وقد نقل السيوطي هذا المبحث عن الأنباري في (لمع الأدلة) حيث قال الأنباري: "اعلم أن العلماء -أي: أكثرهم- ذهبوا إلى أنه لا يجوز إلحاقه على الإطلاق سواء كان لدفع نقض أو غيره، بل هو حشو في العلة لا يجوز تعليق الحكم به، أي: لا يجوز إلحاق الوصف بالعلة مع عدم المناسبة، بل يُعد حشوًا زائدًا يقدح في العلة، وذلك - أي: عدم تأثير الوصف- مثل أن يدل المستدل على ترك صرف حُبلى، فيقول: إنما امتنع هذا اللفظ من الصرف؛ لأنه في آخره ألف التأنيث المقصورة، أي: فوجب أن يكون غير منصرف كسائر ما في آخره ألف التأنيث المقصورة،

<<  <   >  >>