إذ قد انتهينا إلى معرفة أن النظير يحتاج إليه إذا لم يكن هناك دليل، فإننا نشير إلى أن النحويين قد احتجوا كثيرًا بعدم النظير، وردوا ما لا نظيرَ له في الكلام. والأمثلة على ذلك في النحو والصرف كثيرة جدًّا، نذكر منها ما يلي:
أولًا: ما استدل به المازني ردًّا على من زعم أن السين وسوف ترفعان الفعل المضارع، فقد رد المازني هذا القول: بأنه لا يوجد في العربية عامل في الفعل تدخل عليه اللام، والمراد بها لام الابتداء، وقد دخلت اللام على سوف في قوله تعالى:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}(الضحى: ٥)، فالقول بعمل سوف يُفضي إلى عدم النظير. قال ابن جني في (الخصائص): "قال أبو عثمان - يعني: المازني- في الرد على مَن ادعى أن السين وسوف ترفعان الأفعال المضارعة: لم نرَ عاملًا في الفعل تدخل عليه اللام، وقد قال سبحانه:{فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}(الشعراء: ٤٩) فجعل عدم النظير ردًّا على مَنْ أنكر قوله". انتهى.
ثانيًا: ما احتج به المبرد على رد قول الخليل وسيبويه: بأن اسم لا النافية للجنس إذا كان مثنى أو مجموعًا جمعًا سالمًا لمذكر نحو: لا غلامين في الدار، ونحو: لا ناصرين لعدو، يكون مبنيًّا مركبًا مع لا، وتكون لا مع اسمها في موضع رفع بالابتداء. قال سيبويه: "وترك التنوين لما تعمل فيه لازم أي: لما تعمل فيه لا النافية للجنس؛ لأنها جعلت وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد، نحو: خمسة عشر، ولا وما تعمل فيه في موضع ابتداء، وقال: واعلم أن المنفي الواحد إذا لم يل لك، فإنما يذهَب منه التنوين كما أُذهب من آخر خمسة عشر لا كما أذهب من المضاف، والدليل على ذلك أن العرب تقول: لا غلامين عندك، ولا غلامين