للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قل عملها جدًّا، وكان الأكثر إهمالها. كما يبطله أن الحرف إذا رُكب مع حرف آخر خرج كل منهما عن حكمه، وثبت للمركب بالتركيب حكم آخر غير الحكم الذي كان لأجزائه التي رُكب منها. والقول الرابع: وهو أن عامل النصب هو أن المقدرة قول مردود كذلك؛ إذ يبطله أن أن لا تعمل مقدرة، وإنما تعمل ظاهرة، وإذا بطلت هذه الآراء الثلاثة؛ تعين القول الأول، وهو أن عامل النصب في المستثنى هو الفعل المتقدم بتقوية إلا، ويدل على صحة هذا القول أن أصل العمل يكون للفعل إلا أن الفعل لا يصل إلى المعمول بنفسه، وإنما يصل بإلا، فكان الفعل هو العامل لكن بواسطتها، ويشهد لصحة هذا القول وجود النظير، وهو عامل النصب في المفعول معه؛ فإنه الفعل المتقدم بواسطة الواو على الرأي الراجح من آراء النحويين.

وخلاصة ما سبق: أن السبر والتقسيم مسلك من مسالك العلة عند النحويين، وأن الأقسام المحتمل منها ما يصلح فيبقى، وما لا يصلح فينفى.

مسلك المناسبة

المسلك الخامس من مسالك العلة طبقًا لما ورد في (الاقتراح) هو المناسبة، وقد ذكر السيوطي أن المناسبة تسمى أيضًا الإخالة؛ لأن بها يُخال -أي: يظن- أن الوصف علة، ويسمى قياسها قياس علة. قال ابن الطيب في (الفيض): "قوله: الإخالة بالخاء المعجمة، كأنه مصدر أخاله أي: صيره خائلًا أي: ظانًا كما أشار إليه"، انتهى. ومعنى ما ذكره السيوطي وابن الطيب أن هذا المسلك طريقه غلبة الظن والإخالة، وأن المتكلم بالعلة قد سلك إلى الوصول إليها طريق القياس على الأصل، وقد غلب على ظنه أنها العلة للحكم في الفرع المسئول عنه، ومن هنا كان قياسها كما قال السيوطي قياس علة.

<<  <   >  >>