للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إعادة الظاهر بلفظ غير لفظه في البيت، وهو الذي كان سببًا للحكم عليه بالقبح يُمكن أن يجعله سببًا للحكم له بالحسن. وأوضح ابن جني ذلك فقال: "وذلك أنه لما لم يعد لفظ الأول البتة، وعاد مخالفًا للأول؛ شابه بخلافه له المضمر الذي هو أبدًا مخالف للمظهر وعلى ذلك قال: أوشكت حبال الهوينى بالفتى، ولم يقل: به ولا بالمرء، أفلا ترى أن القبح الذي كان في مخالفة الظاهر الثاني للأول قد عاد فصار بالتأويل من حيث أرين حسنًا، وسببهما جميعًا واحد، وهو وجه المخالفة في الثاني للأول" انتهى.

تعارض العلل

مادة هذه المسألة في (الاقتراح) ملخصة عن باب أورده ابن جني في (الخصائص) بالعنوان نفسه، وقد ذكر ابن جني فيه أن الكلام في معنى تعارض العلل ضربان؛ أحدهما: حكم يتجاذب وجوده وحصوله علتان فأكثر منهما، والآخر حكمان في شيء واحد مختلفان دعت إليهما علتان مختلفتان، فالأول: سبق ذكره عن ابن جني وهو جواز التعليل بعلتين، ومثَّل له فيما مثل بقلب الواو ياء في نحو: مسلمي لأمرين، ومن الأمثلة التي ذكرها في باب تعارض العلل لهذا النوع أيضًا رفع المبتدأ. فالبصريون يعللون رفعه بالابتداء، والكوفيون يعتلون إما يرفعونه بالخبر الذي هو مرافعه، فالمبتدأ والخبر عندهم يترافعان، وإما بما يعود عليه من ذكره من الخبر على حسب مواقعه. وكذلك رفع الخبر، ورفع الفاعل، ورفع ما أقيم مقامه، ورفع خبر إن وأخواتها، وكذلك نصب ما انتصب، وجر ما انجر، وجزم ما انجزم، مما يتجاذبه الخلاف في علله، فكل واحد من هذه الأشياء له حكم واحد تتنازعه العلل.

<<  <   >  >>