للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثالث عشر

(عدم النظير)

معنى عدم النظير، ومتى يحتج به؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه؛ أما بعد:

النظير في اللغة: المناظر والنِّظْر، والمثل والمثيل والمساوي، وفلان منقطع النظير أي: منفرد في بابه. والمراد به في الاصطلاح: ألا يكون للشيء نظائر في بابه، بمعنى: أنه واحد لم يرد به سماع، وقد أفرد ابن جني لعدم النظير بابًا في (الخصائص) عنوانه: باب في عدم النظير، ولخصه السيوطي في (الاقتراح) وبدأه بقوله: "ومنها الاستدلال بعدم النظير"، أي: ومن أدلة النحو المتفرقة التي لا تُحصر عدم النظير، ومعنى الاستدلال به النفي لعدم وجود دليل الإثبات. ولذلك قال السيوطي في ضَوْء ما نقله عن ابن جني: "وإنما يكون دليلًا على النفي لا على الإثبات"، وقال أيضًا: "وإنما يُستدل بعدم النظير على النفي حيث لم يقم الدليل على الإثبات، فإن قام لم يلتفت إليه؛ لأن إيجاد النظير بعد قيام الدليل إنما هو للأُنس به لا للحاجةِ إليه".

ومعنى هذا أن النظير يصحح الحكم النحوي وأن عدمه ينفيه، وقد أكثر النحويون من الاحتكام إلى النظائر، وتعددت أقوالهم الدالة على قبولهم ما له نظير وردهم ما ليس له نظير، ومن أقوالهم الدالة على ذلك قولهم: الحَمْل على ما له نظير أولى من الحمل على ما لا نظيرَ له، وقولهم: ما لا نظير له في العربية، ولا يشهد له شاهد من العلل النحوية يكون فاسدًا، وقولهم: الحمل على ما له نظير وإن قل وخرج عن القياس أولى من قول لا نظير له، وقولهم: إذا أدى القول إلى ما لا نظير له وجب رفضه واطراح الذهاب إليه.

ومع كثرة أقوال النحويين في هذا الشأن فإنه لا يشترط إيجاد النظير في إثبات شيء إذا قام الدليل معه، وإنما يجب إيجاد النظير إذا لم يقم الدليل، وإلى هذا الأمر

<<  <   >  >>