للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس العاشر

(تابع القوادح في العلة)

فساد الاعتبار

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومَن والاه؛ أما بعد:

المراد بفساد الاعتبار: فساد الاعتبار للعلة في الحكم، وذلك عند مخالفة القياس للنص، وعرَّفه السيوطي في (الاقتراح) نقلًا عما ورد في الفصل التاسع في (الإغراب في جدل الإعراب) لأبي البركات الأنباري: بأنه الاستدلال بالقياس في مقابلة النص عن العرب، ومثاله: أن يستدل البصري على أن ترك صرف ما لا ينصرف لا يجوز في ضرورة الشعر؛ بأن الأصل في الاسم الصرف، فلو جوزنا ترك صرف ما ينصرف، لأدى ذلك إلى أن نرده عن الأصل إلى غير أصل، فوجب ألا يجوز قياسًا على مد المقصور، فإنه ممنوع، فيقول له المعترض عليه في استدلاله وتعليله أي: ممن يجوزون تركَ صرف ما ينصرف في ضرورة الشعر، وهم الكوفيون وبعض البصريين: هذا استدلال منك بالقياس في مقابلة النص عن العرب، وهو -أي: القياس في مقابلة النص- لا يجوز، فإنه -أي: الحال والشاذ- قد ورد النص عنهم -أي: عن العرب- في أبيات تركوا فيها صرف المنصرف للضرورة، وذلك في كثير من أشعارهم، وإذا ثبت النقل عنهم في ورود المدعَى، فلا اعتبارَ للقياس ولا التفات إليه. ومن هذه الأبيات التي تشهد لذلك وأوردها الأنباري في (الإغراب) و (الإنصاف) قول حسان -رضي الله عنه:

نصروا نبيهم وشدوا أزره ... بحُنين يوم تواكل الأبطال

فحنين: اسم واد بين مكة والطائف كانت به وقعة بين المسلمين والكفار، وذكره الله في كتابه فقال تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} (التوبة: ٢٥) وقد أجمع القُراء على صرفه في الآية الكريمة. وقول الأخطل التغلبي من كلمة يمدح فيها سفيان بن الأبيرد:

<<  <   >  >>