للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرع على الأصل بواحد منهما. قالوا: ويدل على أن الطرد لا يكون علة أنه لو كان علة لأدَّى إلى الدور أي: لأدى إلى توقف الشيء على ما يتوقف عليه، ويُسمى الدور المصرح كما يتوقف ألف على باء، وبالعكس أو بمراتب، ويسمى الدور المضمر، كما يتوقف ألف على باء، وباء على جيم، وجيم على ألف، وكلاهما باطل، وما أدَّى إلى الباطل باطل، ألا ترى أنه إذا قيل له -أي: للمستدل مثلًا: ما الدليل على صحة دعواك؟ فيقول: أن أدعي أن هذه العلة علة في محل آخر، فإذا قيل له: وما الدليل على أنها علة في محل آخر؟ فيقول: دعواي على أنها علة في مسألتنا، فدعواه دليل على صحة دعواه أي: دعوى على أنها علة في محل آخر دليل على صحة دعواه في مسألتنا، وإثبات كل منهما موقوف على إثبات الآخر، وهذا هو الدور.

فإذا قيل له: وما الدليل على أنها علة في الموضعين جميعًا؟ فيقول: وجود الحكم معها في كل موضع دليل على أنها علة أي: لوجوده عند وجودها، وذلك هو شأن العلة. فإذا قيل له: فإن الحكم قد يوجد مع الشرط كما يوجد مع العلة أي: فيحتاج إلى الفرق، فما الدليل على أن الحكم ثبت بها -أي: بالعلة- في المحل الذي هو فيه؟ قال في (الفيض): "قوله: في المحل الذي هو، كذا في الأصول بتذكير الضمير، والظاهر أن يقال: هي -أي: العلة- فيه، وهو الفرع". أي: أن صحة تركيب السؤال السابق أن يقال له: فما الدليل على أن الحكم ثبت بها في المحل الذي هي فيه؟ أي: ما الدليل على أن حكم الأصل ثبت للفرع في الموضع الذي العلة في هذا الفرع؟ لأن شأن العلة أن يثبت بها الحكم في الفرع عند قيام علة الأصل في الفرع.

فيقول: كونها علة، فإذا قيل: وما الدليل على كونها علة؟ أي: وهلَّا كانت شرطًا وليست علة، فيقول: وجود الحكم معها في كل موضع وُجدت فيه،

<<  <   >  >>