للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصدرية بفعل محذوف وجوبًا لا يُستعمل، وهو "سَبَحَ" الثلاثي كأنه قال: سَبَحَ سبحانًا، كما يقال: كَفَرَ كفرانًا، وشكر شكرانًا، ومعناه: التبرئة والبراءة من كل ما لا يليق أن يوصف به، فهو واقع موقع التسبيح الذي هو المصدر الحقيقي للفعل سبح، ولزومه للنصب من أجل أنه لا يتمكن في موضع المصادر؛ إذ لا يأتي إلا مصدرًا منصوبًا مضافًا وغير مضاف، وهو غير مصروف؛ لجعله علمًا للتسبيح، وجريه مجرى عثمان ونحوه من الأعلام المختومة بالألف والنون الزائدتين.

وذكر أبو الخطاب أن سبب منعه من الصرف العلمية وزيادة الألف والنون، وذكر أن من مجيئه غير مضاف وغير مصروف قول الأعشى:

... ... ... ... ... سبحان مِن علقمة الفاخر

ومعناه براءة من علقمة، يقول هذا لعلقمة بن علاثة الجعفري في منافرته لعامر بن الطفيل، وكان الأعشى قد فضل عامرًا، وتبرأ من علقمة وفخره أي: لما سمعت أن علقمة يُفاخر عامرًا تبرأت من قبح فعل علقمة وأنكرته، وواصل الأخفش الأكبر حديثه لسيبويه، فذكر أن مثل ذلك أي: من مجيء الاسم منصوبًا على المصدرية بفعل غير مستعمل قولك للرجل: سلامًا تريد تسلمًا منك أي: براءة منك، وعلى ذلك جاءت الآية الكريمة في سورة الفرقان {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} أي: براءة منكم، وقول أمية بن أبي الصلت: سلامك ربنا ... إلى آخر البيت. الشاهد فيه قوله: سلامك، ونصبه على المصدر الموضوع بدلًا من اللفظ بالفعل، ومعناه البراءة والتنزيه، وهو بمنزلة سبحانك في المعنى وقلة التمكن في مواضع المصادر، وبريئًا في البيت منصوب على الحال المؤكدة، والتقدير: أبرئك بريئًا؛

<<  <   >  >>